من هنا نبـــــــــــــدأ....!!
لقد كانت ثورة 25 يناير معجزة الهية ارسلها الله عز وجل رحمة منه وفضلا لشعب مصر الطيب الذي وثق طوال تاريخه في قادته ورؤساؤه ولم يتواني عن تقديم روحه ودماؤه وامواله فداءا لوطنه وانزل علي قادته صفات التقديس والاجلال والحب ..ولم يتمرد يوما عليهم ولم يعرف عنه انه ثار عليهم الا نادرا بل واذا طفح الكيل بالظلم الموجود فلا ينسب هذا الظلم لشخص الرئيس او الملك او الخديوي او الحاكم لانه شعب حسن النية فكان يبريء رؤساؤه من الظلم النازل عليه وينسبه الي الحاشية ورجال الرئيس ..لم يفهم الحكام روح وشخصية المصريين ولم يقدروا ابدا طوال تاريخهم تضحيات هذا الشعب ( الغلبان ) بل وظنوا ان حكم المصريين من اسهل الامور وانه شعب صابر محتسب يصفق لحكامه ولا يتمرد عليهم ابدا ... لكن تلك الاخلاق الاصيلة في المصريين لم يقدرها ابدا حكام مصر علي الدوام مرورا بمحمد علي المستبد الطاغية رغم ما انجزه لكنه تعامل بفظاظة مع المصريين هو وعائلته وكذلك حكامه الوطنيين من اول جمال عبدالناصر الذي رغم انجازاته لكنه ايضا اعتمد في حكمه علي العصا الغليظة وكل المؤسسات الامنية وتم الزج بالمظلومين في عهده داخل السجون والمعتقلات ومع ذلك ظن الناس به خيرا ولم يتهموه بالتسبب في ذلك الظلم بل ارجعوا تلك المظالم الي رجال عهده وحاشيته وخرجوا في مظاهرات تتطالبه بالعودة عندما قرر التنحي وجاء السادات في بداية عهده يحقق مطالب الناس في العيش الآمن من البطش واخذ قرارات مهمة لصالح الشعب لكنه انتهي رغم انجازاته الكبيرة الي نفس السلوك الذي داوم عليه حكام مصر المتعاقبون من الزج بالابرياء في السجون ..وجاء مبارك الذي اختاره السادات بلا خلفية سياسية او وطنية كسابقوه ادار البلد ك...ملك او سلطان وصبر الناس كالعادة حتي اصبحت مصر في ذيل الامم اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا واعلاميا وصبر الناس تحت سيف الخوف والقهر وتفنن المصريون كالعادة في تمرير حياتهم اليومية رغم المصاعب الجمه منها البطالة التي جعلت كل بيت يجلس فيه من تخرجوا من الجامعات بلا عمل وكانواعبئا ضخما علي عائل الاسرة...حتي جاءت هدية الله الي شعب مصر المسكين والصابر في ثورة اجراها الله علي يد شباب الفيس بوك الذي لاينتمي لاي اتجاه سوي حب وطنه كعادة الازمات التي تمر بالمصريين ثم يقيض الله للمصريين من يحمل همهم ويدافع عنهم متجردين من اي مطامع سوي حبهم لشعبهم الفقير الطيب مثلما قام احمد عرابي رائد الوطنية المصرية ليقف امام الخديوي يطالبه بتحقيق مطالب الشعب ويطالبه بالخضوع لارادة الشعب علي نفس طريق الوطنية المصرية جاء شباب مصري غير منتمي لاي اتجاه ولم يعرف عنه سابقا ممارسة السياسية علي طريقة الاحزاب والجماعات نزلوا بقلتهم في ميدان المواجهة والكل يتفرج في انتظار ما تسفر عنه تلك المواجهة وظن الناس انها كتلك التي تعود عليها منذ 2004 منذ ظهور حركة 6 ابريل لكن روح الثورة الكامنة ثارت علي القهر والظلم تفجرت فجأة ك تسونامي لم يقف امامها اي شيء واستجاب الشعب بعد الايام الاولي خلف هؤلاء الشباب ثم يتلوهم غيرهم عندما يزداد الامل وتتفتح طاقة النور التي تطل علي الحرية وفي المقابل كان النظام في درجة من الضعف والتآكل من الداخل بصورة لم يتوقعها ويبدوا ان السوس قد نخر في عظام بنيان السلطة فلم تعد له قوة وكانت الحقيقة ان النظام قد سقط قبل 25 يناير بكثير سقط من الداخل ولم يكن متماسكا فانهار فجأة بعد اول طوبة قذف بها وانهار النظام في ايام قلائل وذاب امام تسونامي القدرة الالهية ....
والآن كل التوقعات والسيناريوهات السابقة لم تتوقع هذا الانهيار فمنهم من راهن علي ثورة الجياع فأذا بالثورة تأتي من الطبقة المتوسطة العليا والمرفهة اجتماعيا واقتصاديا ومنهم من راهن علي ذلك التيار أو ذاك ..المهم ان التوقعات والسيناريوهات لم تتوقع ابدا أن تأتي تفجيرات الثورة علي يد شباب الفيس بوك ليلحق بها بعد ذلك كل جموع الشعب المصري..
لكن القادم هو الأصعب فبنيان مجتمع ديمقراطي حر يعطي لكل انسان حقه في الحياة وحقه في الرأي وحقه في العمل السياسي وفق قناعاته الحرة بلا ارهاب او تسلط او تخوين او تكفير يحتاج ذلك الي تغيير عميق في مجمل ثقافتنا التي تربت علي الاستبداد بدءا من رب الاسرة الي كل مؤسسات المجتمع مثل المدارس والجامعات والهيئات وصولا الي السلطة الاعلي كلها تتبني ثقافة الاستبداد التي تمردت عليها كل الاجيال الجديدة فقط ذلك مقبول لكن مع الالتزام بالقيم العليا للمجتمع وآدابه وسلوكه...
مع الدعاء بأن يوفق الله الشعب المصري لبناء مجتمع يلبي طموحاته واحلام ابناؤه ...
كتبه : محمد امام نويرة
